الأحد، يونيو 28، 2015

في رثاء مصر .. !!





شمس يونيو القاهرة ترسل أشعتها الحارقة علي أنفها القمحى اللون الذى يتوسط عينين لم يتذوقا النوم منذ اكثر من عشرين يوما و شفاه ترسم ابتسامة باهتة مجهولة السبب .. ابتسامة أمل .. ابتسامة يأس .. ام خوف من المجهول .. !!

هى ابتسامة تخفف عبء الأيام و ثقلها .. و عيناها تلاحق حبيبات الغبار المتطايرة في أشعة الشمس .. الغبار الذى غلف المكان بقبحه فكتم الأنفاس و الحلوق .. سعلت و سعلت .. و وسط سعالها المتواصل لا تقوى علي الحركة و ايضا لا تجد ما تسد به الفجوة التى تسللت منها أشعة الشمس الحارقة في نهار يونيو .. !!

لم يكن الغبار وحده هو من يكتم أنفاسها .. كانت هناك هذه الارطال المتراكمة من اللحم المتشكل في هيئة سيدة ترمى بنصف ثقلها علي جسد المسكينة و النصف الاخر يحتل الجزء الاكبر و الاعظم من الفراش المتعفن المسكون بالبراغيث و البق .. و كانت تدعوها ببراءتها الطفولية "طنط" .. !!

و كانت "طنط" اقل مشاكلها ..

و قطتها "وودى" اكبرها .. لم ترها منذ زمن طويل و لم تعتن بها و لم تطعمها بيديها مثلما اعتادت في السنوات الاخيرة .. انطلقت بخيالها الطفولى تستعيد ذكرياتها مع "وودى" و ذكريات الاهل و الاصحاب .. و ذكريات اخر لقاء .. !! .. و ارتسمت ابتسامة رقيقة علي شفتيها .. و غالبتها دموعها عندما تذكرت انها ستصبح في الثالثة و العشرين من العمر بعد بضعة ايام .. دموع الأمل و الألم .. !!

تنفست الصعداء .. او حاولت ان تتنفسها .. مسحت دموعها .. و كفت شفتيها عن التبسم .. حاولت تحريك نصفها المحشور تحت "طنط" .. حاولت التغلب علي آلامها نتيجة الحشر .. و آلام ظهرها الذى يعانى اصابة خرطوش قديفهى لم تتلق علاجها الطبيعى منذ شهر مضى .. !! .. كتمت صرخة الالم خيفة ايقاذ "طنط" .. !!

اعتدلت فى نصف سريرها .. و نظرت الى القضبان الحديدية التى تسللت من خلالها اشعة الشمس .. تثائبت .. سعلت .. و عدلت من جلبابها الابيض الفضفاض .. و ارتدت خمارها تحسست نبضات قلبها بقبضة يدها .. و دارت بنظرها وسط اكوام اللحم المتراكمة في حجرة لا ينقص من وحشيتها و ظلمتها العباءات البيضاء .. عدد كبير من السيدات في مثل حجم "طنط" متراكمين فوق بعضهم البعض كسمك السردين في علبة .. اقصد غرفة.. غرفة لا تتسع لهؤلاء النسوة.. نسوة في عباءات بيضاء تقتل الروح و الجسد .. استشعرت بفطرتها انها الظهيرة و ان الوقت قد حان للرحيل .. انتظرت "عمو" يأتى كما اعتاد كل صباح .. !!

ظهر وجهه القمئ من خلف قضبان الباب الصغيرة .. فتسارعت دقات قلبها .. و هزت رأسها في عنف لتطرد ذكريات خطفها و استجوابها لايام مكتوفة الايدى و مغطاة العينين .. و التهمة مجهولة .. !!

اطبقت عينيها على دموعها في استسلام .. و مدت ذراعيها امام "عمو" .. فالبسها الاصفاد الحديدية و غادرا عنبر المساجين سويا .. الى عرض النيابة .. !!

لم تشفع لها انفاسها المتسارعة و لا نبضات قلبها المتلاحقة و لا برائتها عند ساجنيها .. و لم تشفع لها ساقها المشلول .. و لم تشفع ملفاتها الخالية من اى تهمة تذكر .. و لم تشفع لها "وودى" .. !!

تمت


خلصت الحكاية .. حكاية زى اى حكاية .. نفس الحكاية .. مفيش تهمة .. بس فيه حبس .. و سجن و خطف و اعتقال .. حكايتنا مع مصر اللى بتقتل جوانا اى ذرة حب ليها .. الحكاية اسمها اسراء الطويل .. سنها يا دوب 22 سنة .. اكبر مشاكلها في الحياة هى قطتها وودى .. و اهم فيديو نشرته كان كيفيه غمل سيريلاك مكلكع .. لا عمرها كانت ناشطة سياسية و لا هى هتسقط النظام .. و لا بقت تهتم بالسياية من ساعة ما اتضربت بالخرطوش في ضهرها في مظاهرة سلمية .. 

اسراء اتخطفت بعد خروجة مع اصحابها .. اللى بالمناسبة اتخطفوا هما كمان .. و فضل اهلها ما يعرفوش عنها حاجة تقريبا اسبوعين .. و لما ظهرت كان صدفة .. اسراء دى اعتقلوها و غموا عنيها اسبوع كامل .لما فقدت الامل و الرغبة في الحياة
اسراء مصابة بشلل جزئي و علاجها متوقف من ساعة الخطف .. اسراء بيتجدد ليها بدون تهمة ..

انا معرفش اسراء .. كل بيها انى كنت بشوف فيديوهاتها البسيطة لما كانت بتتشير عند صديق مشترك بيننا ..

انا مش كاتب و لا روائي و لا اى بطيخ .. و اللى فوق دة طبعا محصلش .. انا بس نقلت لكم الكام كلمة اللى هى قالتهم لما اهلها شافوها صدفة نازلة من عربية ترحيلات .. و حاولت تبان متماسكة رغم الرعب اللى فى عنيها .. حاولت انقل اللى قالته و اللى هما شافوه فى عنيها رغم انها مقالتوش .. انا مجرد واحد قلبه اتوجع لوجع قلب اهل و اصحاب اسراء .. ما بالكم بقي بوجع قلب اسراء نفسها .. !!

اسراء مجرد واحدة من الاف الشباب و البنات اللى مرميين في السجون و المعتقلات بدون تهم .. دة غير طبعا الشباب اللى راح في تصفية مباشرة و راح دمهم هدر .. زى اللى قبلهم .. !!

اسراء مسجونة حتى الان بدون تهمة .. اسراء اللى بتقول للامنجى اللي مكلبشها يا عمو .. و بتقول للمساجين يا طنط .. اسراء اللى كل حلمها تركب عجلة .. اسراء اللى اكبر مشاكلها في الحياة هى وودى ..

مصر بقت محترفة في قتل ولادها .. و اللي عايش منهم قتلت جواه اى ذرة حب ليها .. !!

اسراء كشفت مصر في اوسخ صورها .. !!



0 التعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.